رصد الجراثيم بقناديل البحر

يقدم الدكتور مصطفى محمد سعيد رئيس قسم الاستزراع السمكي بمركز بحوث الصحراء عدة حلول لهذه المشكلة مفضلا التعريف بـ " قنديل البحر " في البداية ، فيصفه بأنه من الحيوانات اللافقارية التي تتبع شعبة اللواسع وتتكون من حوالي 200 نوع ، سبعون منها فقط تحدث ردود فعل للإنسان . وتتراوح بين تهيج الجلد إلى حرق يسبب احمراراً شدسداً مصحوباً بآلام مبرحة ، وهناك رد فعل حاد مثل صعوبة التنفس الذي ربما يصل إلى السكتة القلبية .

ويضيف أن مدينة العريش المصرية نجحت في أن تجد حلا لهذه المشكلة بتصدير " قناديل البحر " وبذلك تحولت من مشكلة بيئية إلى نشاط اقتصادي ذي عائد مجز ، وأنشىء مؤخرا في مدينة العريش مركز لتعبئة وتصدير القناديل إلى الصين .

ويقول : إن قناديل البحر يعيش أغلبها في المياه المالحة إلا أن بعضا منها يعيش في الأنهار ، كما أن أكثرها حياته قصيرة وقد يعيش فقط لبضعة أسابيع ، وفي الغالب سنتين وتتكون من مجموعة مختلفة الأحجام والأشكال والألوان أغلبها نصف شفاف أو أكثر شبها بالزجاج ، وبعض الأنواع يصل طول لوامسه إلى 50 مترا ، وهذه اللوامس تحتوي على آلاف الخيوط اللاذعة وتوجد عليها نوابض تنشط متى تم الاتصال بجسم آخر وتنطلق كالحراب إلى الفريسة .

ويحتوي قنديل البحر على اقل من 5 % مادة عضوية وهو يمتلك شبكة عصبية أولية تتضمن مستقبلات قادرة على اكتشاف الضوء والرائحة ومحفزات أخرى ويتكون من طبقة خارجية " بشرة " تغطي سطح الجسم الخاجي وطبقة داخلية مطاطية سميكة يطلق عليها " الهلام الأوسط " .

ولدى " قنديل البحر " نظام هضمي بسيط حيث توجد به فتحة واحدة تعمل كفم لدخول الغذاء ولخروج الفضلات يليها تجويف يعمل كمريء ومعدة وأمعاء في نفس الوقت ، كما أن له عددا من الأذرع يختلف ما بين أربعة إلى ثمانية وهي أذرع شفهية تقع بالقرب من الفم ويستخدمها لنقل الغذاء إلى الفم .

ويسكن قنديل البحر كل البحار تقريباً فهو قادر على التأقلم في مدى واسع من درجات حرارة واللوحة ويوجد نسبة كبيرة في المياه الساحلية الضحكة ، ولكن أنواعا منه تسكن أعماقاً تصل إلى 12 ألف قدم . ومعظم أنواع قناديل البحر منفصلة الجنس بينما البعض الآخر لا جنس له أي يحمل الأعضاء الذكرية والأنثوية ويستطيع تغيير جنسه ، وحينما ينتج البيض ويخصب ليسقط في قاع البحر ويتحول إلى زائدة لحمية حيث يتكدس فوق بعضه البعض يسبح في الماء ليكون قناديل جديدة .

وعلى المستوى الطبيعي فإن قناديل البحر يمثل جزءا مهمافي منظومة التنوع البيولوجي حيث إن بعض أنواعه يتغذى على الكائنات النباتية والحيوانية العالقة في الماء ، كما أن البعض الآخر يتغذى على بعض أنواع الأسماك والحيوانات القشرية والكائنات الحية البحرية الأخرى .

وقناديل البحر تتحرك لمسافات بعيدة منجرفة بتيارات المياه البحرية بينما لها قدرة محدودة في تحديد اتجاهاتها التي تستخدم فيها حلقة العضلات الموجودة حول قاعدة مظلمة حيث تنتج عن انقباض العضلات اندفاع الماء خارج المظلة وانطلاق قنديل البحر للأمام ، وهذا الإيقاع أيضاً يسمح بتنظيم الحركة العمودية .

وعن الأهمية الاقتصادية لقناديل البحر يقول دكتور مصطفى : إن الصينيين استخدموا قناديل البحر كغذاء منذ أكثر من ألف سنة حيث يمكن عمل مأكولات بحرية من قنديل البحر نصف المجفف قيمتها ملايين الدولارات في اسيا بينما القيمة الأكبر لقنديل البحر تتركز في استخراج بعض المواد التي تدخل في الصناعات الدوائية حيث يعتقد الآسيويون أن له قيمة طبية كبيرة في معالجة النقرس والتهاب المفاصل والتهاب القصبات الهوائية خفض ضغط الدم المرتفع وتليين الجفن .

وقد تمكن العلماء من فصل البروتين الأخضر المضيء من قنديل البحر وشاع استخدامه في التجارب العلمية لسهولة اندماجه في جسم الحيوان أو النبات ليضيء عند تعرضه للأشعة فوق البنفسجية ، وبالتالي أمكن تتبع حركة بعض المواد داخل الجسم الإنسان كما أمكن عمل جهاز رصيد بيولوجي باستخدامه كوسيلة أسرع من الطرق المستخدمة حاليا لرصد الجراثيم والبكتيريا المسببة لبعض الأمراض .

واستخدمت هذه التقنية أيضاً في البحوث الزراعية للكشف عن تلوث الغذاء وفي جعل إحدى أسماك الزينة تضيء عند استشعاء السموم البيئية .

وأعلن باحث بريطاني أن مجموعة من العلماء طورت نوعا من البطاطس المعالج وراثياً له القدرة على إرسال ضوء أخضر عندما يحتاج إلى الماء بحقن البطاطس بجين مأخوذ من قنديل البحر يجعل أراق النبات تضيء إذا احتاجت للماء . وأكد الباحث أن هذه الطريقة ستكون هي السائدة في زراعة المستقبل موضحاً أن البطاطس لن تكون مخصصة للأكل بل تستخدم كحارس لتنبيه المزارعين إلى أن بقية المحاصيل في الحقل بحاجة إلى الماء .

وأشار إلى أن هذا الضوء لا يرى بالعين المجردة ولكن يمكن رصده بجهاز يدوي صغير ، ولا يتوقع شيوع استخدام هذا الأسلوب قبل مرور 20 عاماً ، كما أنه بالإمكان تطبيق هذا الأسلوب على نباتات أخرى مثل الفواكه والخضروات .

وعن كيفية معالجة لسع قناديل البحر يقدم دكتور مصطفى بعض النصائح فيقول : عندما يتعرض إنسان للسع قنديل البحر عليه أن يسارع بالخروج من الماء ثم يغسل مكان اللسع بالماء المالح ويدعكه جيداً بالرمل أو بواسطة منشفة جافة لإزالة بقايا اللوامس التي يكون قنديل البحر قد تركها على جلد الإنسان وتظل تفرز المادة المهيجة طالما بقيت آثار منها على الجلد ، ثم تغسل بعد ذلك جيدا بالخل وتوضع عليها كمادات من الثلج . أما إذا كانت اللسعة شديدة فهنا يفضل استخدام أحد مشتقات الكورتيزون دهانا لها ويستحسن تناول أحد مضادات الهستامين ( الحساسية ) .